اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 505
شبهة وتخلف إذ قد أوجبها سبحانه على نفسه لحكمة ومصالح خص بها سبحانه ولم يفش سرها على احد
ثُمَّ بعد الورود والوصول نُنَجِّي ونخلص الَّذِينَ اتَّقَوْا عن محارمنا في النشأة الاولى اتقاء من سخطنا وطلبا لمرضاتنا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ الخارجين عن مقتضيات أوامرنا ونواهينا خالدين فِيها جِثِيًّا لا يمكنهم الخروج والتجاوز عنها أصلا بل صاروا مزدحمين فيها مضيقين معذبين بأنواع العذاب ابد الآباد
وَكيف لا يخلدون في النار أولئك الهالكون وهم قد كانوا من غاية غيهم وضلالهم ونهاية غفلتهم وقسوتهم إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ في نشأة الاختبار آياتُنا الدالة على وحدة ذاتنا وكمال قدرتنا على الانعام والانتقام مع كونها بَيِّناتٍ واضحات في الاعجاز بلا ريب وتردد قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا بعد ما عجزوا عن معارضتها وأفحموا عن المقابلة معها لِلَّذِينَ آمَنُوا متشبثين بما عندهم من المال والجاه والثروة والرياسة مفتخرين بها قائلين على سبيل التهكم أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أنحن الأغنياء المتلذذون بأنواع الذات المتمكنون بعموم الآمال والمرادات أم أنتم ايها الفقراء المحتاجون بما تقتاتون في يومكم هذا خَيْرٌ مَقاماً واشرف مرتبة وأعلى مكانا عند الله وَأَحْسَنُ نَدِيًّا مجلسا ومنزلا عنده ولولا انا أفضل وأخير منكم عند الله لما أعطانا ولما منع عنكم ثم لما افتخروا وتفضلوا على المؤمنين بما عندهم من حطام الدنيا وزخرفتها رد عليهم سبحانه وهددهم على الوجه الأبلغ الأتم
فقال على سبيل العبرة وَكَمْ اى كثيرا أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ اهل قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ واكثر من هؤلاء المفتخرين المعاندين أَثاثاً امتعة دنياوية وما يترتب عليها من الجاه والثروة والكبر والخيلاء وَاحسن رِءْياً زينة وبهاء ثم لما لم يتذكروا بالآيات والنذر ولم يتفطنوا منها الى توحيد الحق وصفاته ولم يشكروا نعمه بل قد أصروا واستكبروا بما عندهم من المزخرفات الفانية فهلكوا واستؤصلوا
قُلْ لهم يا أكمل الرسل نيابة عنا كلاما ناشئا عن محض الحكمة المتقنة مَنْ كانَ منكم منغمسا منهمكا فِي الضَّلالَةِ مجبولا عليها فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ وليمهله مَدًّا مهلا طويلا وليمتعهم تمتيعا كثيرا رغدا وسيما حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ على ألسنة الرسل والكتب إِمَّا الْعَذابَ العاجل لهم في النشأة الاولى بان قد غلب المسلمون عليهم فقتلوهم واسروهم وضربوا الجزية عليهم مهانين صاغرين وَإِمَّا السَّاعَةَ بان تأتيهم بغتة فَسَيَعْلَمُونَ إذا بالعيان والمشاهدة مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً درجة ومقاما عند الله وَأَضْعَفُ جُنْداً واقل ناصرا ومعينا
وَبعد ما صار مآل الكفار وبالا عليهم ومنا لهم نكالا لهم يَزِيدُ اللَّهُ الهادي لعباده المؤمنين الَّذِينَ اهْتَدَوْا الى زلال عرفانه وتوحيده هُدىً هداية ورشدا باقيا ازلا وابدا بدل ما نقص عنهم من حطام الدنيا الفانية ومتاعها الزائلة الذاهبة وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ المقربة الى الله المستتبعة لانواع الفضل والثواب خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ يا أكمل الرسل ثَواباً عائدة وَفائدة خَيْرٌ مَرَدًّا اى منقلبا ومآبا إذ مآل المال والجاه والثروة والسيادة الى الحسرة والخسران وانواع الخيبة والخذلان. ومآل العبادة الى الجنة والغفران والرحمة والرضوان.
ثم قال سبحانه وتعالى على سبيل التوبيخ والتقريع للكافر المستكبر أَفَرَأَيْتَ ايها المعتبر الرائي الطاغي الَّذِي كَفَرَ أنكر واعرض واستكبر بِآياتِنا الدالة على عظمة ذاتنا وكمالات أسمائنا وصفاتنا وَقالَ مقسما مبالغا على سبيل الاستهزاء والسخرية والله لَأُوتَيَنَّ أعطين في النشأة الاخرى ايضا ان فرض وجودها مالًا وَوَلَداً مثل ما أعطيت في هذه النشأة هذا من
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 505